دروس فضيلة الشيخ

الصحابة والإمامة_ الدرس التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فهذا الدرس التاسع من دروس برنامج التأصيل العقدي ونتحدث فيه إن شاء الله تعالى عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ما المقصود بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وما مكانة آل البيت، وما حقوقهم، وما عقيدة أهل السنة فيهم، وحكم الطعن في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو إحداهن، وموقف الرافضة والناصبة من آل البيت والرد عليهم.

أولاً: آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، هم أهل بيته، والصحيح من أقوال أهل العلم والله تعالى أعلم: أن المراد بأهل البيت: هم من تحرم عليهم الصدقة، وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل، وآل العباس، وكلهم من بني هاشم، ويلحق ببني هاشم بنوا المطلب أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام» أو «جاهلية وإسلامًا».

وهذه المسألة: الخلاف في المراد بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيها عند العلماء أربعة أقوال ساقها بن القيم رحمه الله في كتابه المشهور: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

فهذا القول الأول: أن آل البيت هم الذين حرمت عليهم الصدقة، وقد قيل: إن الذين حرمت عليهم الصدقة هم بنوا هاشم، وبنوا المطلب، وهذا أقوى الأقوال.

وقيل: فقط بنوا هاشم. فقط.

وقيل: بنوا هاشم ومن فوقهم إلى غالب.

فيدخل فيهم بنوا مطلب، وبنوا أمية، وبنوا نوفل، والمقصود أن هذا القول الأول: هم أن آل البيت الذين حرمت عليهم الصدقة وأقوى ما قيل فيه: أنهم بنوا هاشم ويلحق بهم بنوا المطلب.

القول الثاني: أن آل البيت هم ذرية النبي صلى الله عليه وسلم وأزوجه خاصة، لحديث: «اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد» وفي رواية: «اللهم صلى على محمد وعلى أزوجه وذريته»، قالوا: هذا تفسير.

القول الثالث: أن آل البيت هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

القول الرابع: أن آل البيت هم الأتقياء من أمة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقوى الأقوال هو: أن آل البيت هم من تحرم عليهم الصدقة، وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل، وآل عباس وكلهم من بني هاشم ويلحق بهم بنوا المطلب كما تقدمن لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنهم لما يفارقونا في جاهلية ولا إسلام» هذا المراد بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فكل من كان في هذا الوصف صار من أهل البيت، ولا شك أنه يدخل في القول الأول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه تحرم عليهم الصدقة، وكذلك ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ذرية الذرية، كل من كان مؤمناً من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء فإنه من آل البيت.

وإذا قلنا بنوا هاشم وبنوا المطلب: هاشم والمطلب أخوان، أبوهما عبد مناف بن قصي بن كلاب، فأبناء هاشم وأبناء المطلب أبناء عمومة، فكل من كان من هذه الذرية فهو من أهل البيت، هذا من جهة النسب، لكن من جهة الحقوق والمحبة والموالاة فإنه لابد أن يكون مؤمنا من أهل الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى يدخل في هذا الوصف.

أما من كان كافرًا كأبي لهب وأبي طالب فليس له المحبة الدينية ولا الولاء ولا الحقوق التي لآل البيت. هذا ما يتعلق بالتعريف بآل البيت.

وأما دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آل البيت فهذا واضح جداً، فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قصة الإفك: «من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرًا» إلى آخره. فسمى زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أهل بيته.

وقالت عائشة رضي الله عنها: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتاليين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا كثير في النصوص، وهذا أمر متفق عليه لم يخالف فيه إلا الرافضة وحتى الرافضة تناقضوا فلم يخرجوا إلا عائشة وحفصة رضي الله عنهما. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الحديث الذي فيه: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» قال أهل العلم: هذا يدل على تحريمه على أزواجه النبي صلى الله عليه وسلم.

إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، وهذا الحديث جيد وقد حسنه جمع من أهل العلم وله طرق، فالمقصود أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يدخلن دخولاً أولي، ولهذا في القرآن العظيم ما يشهد لهذا حيث قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [الأحزاب: 33].

وهنا نبدأ بذكر مكانتهم وفضائلهم، فأهل البيت لهم مناقب ولهم فضائل تدل على فضلهم وعلى تقدمهم ورفعة منزلتهم، وعلو درجتهم، فلهم منقبتان عظيمتان:

الأولى: أنهم صاحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم من أصحابه.

الثانية: أنهم من أقاربه، فقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم تزيدهم شرفاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على شرف نسبه، فقال: «إن الله اصطفى بني اسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» فهذا يدل على فضيلة ومنقبة في كل من كان من هؤلاء من أهل الإيمان طبعاً.

أما أهل الكفر والنفاق فلا يدخلون في هذا، لأنه قد يوجد واحد من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به كأبي لهب، والله عز وجل، لما قال في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [الأحزاب: 33] هذه الإرادة الشرعية، فمنهم من آمن واتقى وهم الأكثر. ومنهم من أبي كأبي لهب وأبي طالب نسأل الله العافية والسلامة.

وكذلك قال ربنا سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [آل عمران: 61]، ولهذا قيل في هذه الآية: إنها فضيلة لأصحاب الكساء وهم: فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم.

ففي صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية تقول: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ﴾ [آل عمران: 61]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال: اللهم هؤلاء أهلي.

فهذا يدل على فضيلة عظيمة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، صرح بهذا فقال: «إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً» فهذا يدل على أن قريش أفضل العرب، وأن العرب أفضل من جنس العجم، وأن قريش أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم، فهو أفضل الخلق وأفضلهم نسباً صلى الله وسلم وبارك عليه.

وقد أمرنا عليه الصلاة والسلام بالعناية بأهل بيته واحترامهم ومعرفة فضلهم، يعني المؤمنين المسلمين المتبعين حيث قال كما في الصحيح: أما بعد: «ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولها كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به» فحث على كتاب الله ثم رغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيت، أذكركم الله في أهل بيتي» فقرن الوصية بهم، وهذا الحديث في صحيح مسلم، قرن الوصية بهم بالوصية بكتاب الله.

وهذا يدل على أنهم لهم حق، ترك فيكم ثقلين، وهذا يدل على عظم حقهم، أنه قرنهم بكتاب الله، فالتمسك بكتاب الله بالامتثال للأوامر واجتناب النواهي، والتمسك بأهل البيت أي محبتهم والعناية بحقهم وحرمتهم، والثناء عليهم، والاهتداء بهديهم إذا كانوا متبعين للسنن، أما من ابتدع منهم أو زاغ فلا يلتفت إليه، لأن العبرة ليست بالقرابة، وإنما العبرة بموافقة الكتاب والسنة.

وهكذا جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع، فإنه قال للعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتكى إليه أن بعض الناس يجفوا بني هاشم، قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي» ومن هذا الباب أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، هم لهم فضائل عامة، فإن الله ذكرهم في القرآن وأنهن أمهات المؤمنين، وفضائل خاصة: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ﴾ [الأحزاب: 28]، وقال: ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ [النور: 26]، والله قال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب: 29].

وهذا يدل على فضل أمهات المؤمنين، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فضائلهم ثابتة جميعاً، كلهن رضي الله عنهن ممن قنط لله ورسوله وعمل صالحاً، واستحق الأجر مرتين، كلهن مبشرات بالجنة، وكما جاء في الحديث أن عمار قال: إني لأعلم أنها زوجته –يعني عائشة رضي الله عنها- في الدنيا والأخرة. اللهم صلى وسلم على نبينا محمد وارضى اللهم عن عائشة، وهذا في البخاري. ولهذا أجمع العلماء على أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن في الجنة، والله يقول: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ﴾ [الأحزاب: 32]، يعني أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم، رضي الله عنهن وأرضاهن، والنبي صلى الله عليه وسلم بين حبه لعائشة ولخديجة وهكذا الأدلة تتوارد وتكثر في فضائل أمهات المؤمنين عموماً وفي فضائل أمهات المؤمنين أيضاً خصوصاً، كخديجة رضي الله عنها، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها ما قال، حيث غارت منها عائشة من شدة ثناء النبي صلى الله عليه وسلم وذكره إياها، وكان يرسل إلى صديقات خديجة، إذا ذبح الشاة يرسل إليهن، ويقول: «إني رزقت حبها»، وقال له جبريل عليه السلام: «بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» رضي الله عنها وأرضاها، فهذه خديجة وفضلها عظيم، وكذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل السريد على سائر الطعام» وأنزل الله برأتها في القرآن، وبين عظم إثم من رماها، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 11]، فأنزل الله برأتها من فوق سبع سموات، وأنزل في عذرها وحي يتلى إلى يوم القيامة، فيا ويل من رماها بالفاحشة، فإنه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، ولهذا قال في آخر الآيات: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [النور: 26]، فهذه براءة من الله لها، والنبي صلى الله عليه وسلم أطيب الخلق، فلا يكن معه إلا طيبة رضي الله عنها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أطيب الطيبين وعائشة تكون أطيب الطيبات، فمن رماها بالفاحشة فقد اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه، واتهمه بأخباث قول نسأل الله العافية والسلامة، وهذا لا يكون إلا من كافر زنديق، فهذا الطائفة أعني طائفة الرافضة طائفة قلوبهم منكوسة وفطرهم صارت معكوسة نسأل الله العافية والسلامة، فيحذر المؤمن ويحذر من النيل من هذه الصديقة بينت الصديق رضي الله عنها وأرضاها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سُئل: «أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة» رضي الله عنها وأرضاها.

ولما نزل جبريل مرة فقال: «يا عائشة هذا جبريل يلقي إليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى مالا أرى» يعني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأحاديث فضلها والثناء عليها كثيرة، ولهذا اختلف العلماء أيهما أفضل خديجة أم عائشة؟ وتوسط جماعة فقالوا: عائشة من جهة رواية العلم، وخديجة من جهة الثبات، رضي الله عنهن وأرضاهن.

وكذلك سودة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهن كلهن لهن فضائل خاصة، وهن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت في فضائلهم الأحاديث الكثيرة رضي الله عنهن وأرضاهن ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾، فكذلك زينب بنت جحش رضي الله عنها وهي أم المؤمنين، وكذلك جويرية بنت الحارث وهي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، وكذلك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: صفية بنت حي بن أخطب، وهي من ذرية هارون بن عمران أخي موسى، وكانت قبل إسلامها تحت سلام بن مشكم، ثم خلى عليها كنانة بن أبي الحقيق، فقتل يوم خيبر، فصارت مع السبي دحية، ثم استعادها النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.

وكذلك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: ميمونة بنت الحارث رضي الله عنه.

وكذلك زينب بنت خزيمة وكانت تسمى أم المساكين لكثرة إطعامها المساكين، لكنها لم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرًا، شهرين أو ثلاثة، ثم توفيت رضي الله عنها.

ويدخل في فضائل أهل البيت الكلام في فضائل بنات النبي صلى الله عليه وسلم: زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك أم كلثوم ورقية وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وزوج علي بن أبي طالب، رضي الله عنها، وهي من أفضل النساء، نساء العالمين، وجاء في فضلها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم: حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الشهداء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب».

ومن أقارب النبي صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب وهو بن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الخليفة الرابع من خلفاء المسلمين.

وكذلك من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب، وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك عبدالله بن عباس بن عم النبي صلى الله عليه وسلم.

وكثير أيضاً من الصحابة من أقارب البني صلى الله عليه وسلم مثل: جعفر الطيار ذو الجناحين.

وإذا أردنا أن نعدد أسماء أقارب النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين به فهذا كثير ولكن يمكن أن يرجع طالب العلم إلى كتب السنة المطهرة، ويجد فيها الشيء الكثير من أخبار أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن يحبهم ويترضى عنهم ويعرف حقوقهم.

وكذلك الحسن والحسن، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وهما من خيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذرية النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء فيهما الثناء الخاص، وأفضلهما الحسن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن: «إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».

فرضي الله عن الصحابة أجمعين ورضي الله عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووفقنا الله وإياكم لمعرفة حقوقهم ومعرفة فضائلهم، وألا نكون مثل أعداء الله الرافضة الذين غلوا في بعضهم، وأهملوا بعضاً اخر، فأهل السنة يوجبون محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، نقول: ولابد منها، وهذا من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يُحبونهم جميعاً، وأما الرافضة فهم يخصصون بعض أهل البيت، والبعض الأخر لا يحبونهم بل يفسقونهم أو يكفرونهم.

وأهل السنة أيضاً يتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويترضون عنهن ويعرفون حقوقهن.

أما الرافضة فإنهم يتكلمون في أمهات المؤمنين عائشة وفي حفصة رضي الله عنهما، ويسبونهما سباً قبيحاً، وربما سبوا عائشة وأتهموا بالزنى، وهذا من الموجبات للكفر والردة التي عند الرافضة.

كذلك أهل السنة لا يغلون في آل البيت بأنهم معصومين، أو أنهم يعبدون من دون الله، أو أنهم لا تقع منهم ذنوب، لا، أهل البيت كغيرهم من المسلمين، فهم إذا كانوا مؤمنين قد يقعون في الذنوب، قد يقعون في المعاصي، لكن من كان منهم من الصحابة فإنهم رضي الله عنهم لهم من الفضائل والمناقب ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر.

وكذلك من الأمور المهمة أن نعرف أنه ليس هناك عدواه بين آل البيت وبين الصحابة، بالعكس فنحفظ حق أهل البيت، ونحفظ حق الصحابة، ويقول شيخ الإسلام بن تيمية في العقيدة الواسطية: ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خم: «أذكركم الله في أهل بيتي»، وقال للعباس: قد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفوا بني هاشم، فقال: «والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي».

وقال: «إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريش، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» قال شيخ الإسلام: ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزوجه في الأخرة خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من أمن به، وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل.

هذا هو طريقة أهل السنة والجماعة خلافاً لطرق أهل البدع والضلالة، هذا إشارة المقصود بآل البيت ومكانتهم وشيء من حقوق أهل البيت، فحقوق أهل البيت تتلخص في عدة نقاط: من محبتهم، والثناء عليهم، ودخولهم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عندما نقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».

كذلك حقهم في الخمس وتحريم الصدقة عليهم، وهذا جاء فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمقصود أن هذا الثناء على أهل البيت ومحبة أهل البيت هو علامة الإيمان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في علي: «لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق»، وهذا ليس خاصاً بأهل البيت حتى الأنصار رضي الله عنهم، وهذا فيه الرد على الرافضة الذين يغلون في بعض ويتكرون بعضاً، فالدفاع عن آل البيت ليس مجرد الرد على من يسبهم، بل حتى الرد على من يغلوا فيهم، الذي يغلوا فيهم لم يقم بحقهم.

ومن حقوق أهل البيت كما تقدم: الصلاة عليهم في قولك: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد.

وهذا ليس يعني أن الصحابة يخرجون، يعني لو قال واحد: لماذا نقول: اللهم صلى محمد وعلى آل محمد وعلى أصحاب محمد؟ نقول: الأمر واسع، فهذا نص وارد فنتمسك بألفاظ النصوص، وقد قيل في الآل أنهم: الأتباع. فكل من كان أقوم وأقرب وأعمل بالسنة فإنه له حظ من هذا الثناء.

السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما أوليائي المتقون» فالآل حينئذٍ قد يقال في مثال هذا الموضوع: أنهم يدخلون في الفضل والدعاء. ولكن لو أن إنسان قال: اللهم صلى على محمد أو صلى الله عليه وسلم، صلى الله عليه وآله وسلم، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، الأمر واسع.

فنحن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الإبراهيمية التي في الصلاة ونتمسك بالألفاظ الواردة فيها.

وكذلك ما يتعلق بحقوق آل البيت: أنهم تحرم الصدقة عليهم، لأنه عليه الصلاة والسلام قال: «إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» لكن هناك شرط، هذه الحقوق لها شرط، وهي الإيمان والإسلام، أما الكافر فلا يدخل في هذا البيت حتى لو كان من أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأبي لهب كما تقدم، وهذا يشمل حتى العصور التي بعد النبي صلى الله عليه وسلم كالتابعين وأتباع التابعين وأتباع أتباع التابعين إلى يومنا هذا.

فهناك من يقال عنه: إنه من آل البيت أو من الأشراف، يعني قصدهم بالأشراف، أنهم من أهل البيت، وتجدهم على الكفر بالله عز وجل، وعلى ترك الإسلام، هؤلاء لا كرامة لهم ولا حق لهم في الحب والتعظيم، ولا أي مكانة لهم، فإذا كان أبو لهب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم، ونقرأ في الصلاة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾  [المسد: 1-5] الله أكبر.

يقول شيخ الإسلام بن تيمية: ليس في القرآن ذم من كفر به صلى الله عليه وسلم باسمه إلا هذا الرجل، أبو لهب وامرأته، ففيه أن الأنساب لا عبرة لها، بل صاحب الشرف يكون ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم كما قال تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: 30]، حتى إن الحسن بن علي لما رأى رجل يغلوا فيه، قال: أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا، فقال له الرجل: إنكم ذووا قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، فقال: ويحكم، لو كان الله نافعنا بقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا –يقصد أبا لهب وأبا طالب- واللهي إني أخاف أن يضاعف للعصي منا العذاب ضعفين. وهذا الأثر ذكره بن كثير في البداية والنهاية في المجلد التاسعة صفحة 178، عن الحسن بن حسن بن علي.

والمقصود أنه لابد من الإسلام وأيضاً الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان غير متبع للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت إليه، بل هو من جملة المسلمين إذا كان مسلماً ويعطى حق الإسلام، ولا يقدم على من هو خير منه في العلم والدين، والإمامة، ولهذا لو جاء رجلان في المسجد:

الأول: رجل حافظ لكتاب الله، ومستقيم على طاعة الله، وهو لا يعرف نسبه.

الثاني: رجل أخر من آل البيت يعرف بالنسب ولكنه مقصر في جنب الله بارتكاب المعاصي ولا يحفظ من القرآن إلا الفتاحة وقصار السور.

فإيهما نقدم في الصلاة؟ نقدم الأقراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله».

الأمر الثالث الذي لابد منه: هو في ثبوت النسب، وأما ما يدعيه كثير من الصوفية وما يدعيه كثير من الشيعة، وما يدعيه كثير من بعض الناس فمن يسمون أنفسهم العلويين، هم نصيرية وكذلك أتباع الدولة العبيدية الذين يسمون أنفسهم فاطميين وهم ليسوا كذلك، هم يرجعون إلى عبد الله بن ميمون القداح، هؤلاء ليس لهم نسب صحيح كما شهد بذلك العلماء، فلابد من ثبوت النسب ثبوتاً صحيحاً، وهذا يعرف بسؤال المختصين.

ثم لو قدر أنه ثبت نسبه وهو على عقيدة الرافضة، أو على عقيدة الصوفية الذين يقولون بوحدة الوجود أو نحو ذلك فإن هذا لا قيامة له، ولا عبرة به.

هذا ما تيسر في هذا المجلس العلمي، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وبالله التوفيق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.