مقالات فضيلة الشيخ

السياسة الشرعية العادلة من دين الإسلام

السياسة الشرعية العادلة من دين الإسلام

تحت عنوان (رَضِي الإسلام دِيناً لا سياسة) كتب علي الرباعي مقالا تضمن قوله ( لو كانت السياسة شأناً من شؤون الدِّين، لنص عليها القرآن الكريم) يقول (لو كانت السياسة من تكاليف الدِّين لما اقتتل الصحابة.. ويمكننا بإعادة قراءة مرحلة تأسيس النص التأصيل للدولة المدنية لقطع دابر الجماعات المسلّحة) ويفهم من مقالته أنه يريد الإسلام خاصا بالتعبد بين الإنسان وربه ويعزل عنه مسائل الحكم والسياسة ونحوها.
إن طريقة الجماعات الضالة في تسترهم بالدين طلبا للحكم ومنازعة ولاة الأمر طريقة فاسدة مخالفة للشرع، ولكن لا يعني هذا أننا نتخلى عن ثوابت الدين، فالقول بأن الله رضي لنا الإسلام دينا لا سياسة! قول غير صحيح فالسياسة الشرعية العادلة من الدين الإسلامي، (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) أي في الإسلام كله، وأنكر على الذين فرقوا الدين فقال (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء) قال أبو هريرة نزلت في أهل الأهواء من هذه الأمة. ومن السياسة الشرعية العادلة ما نص عليه القرآن من الحكم بين الناس بالعدل والوفاء بالعهود والإذن بالجهاد والدعوة إليه والعلاقات الدولية، فلا يصح أن نخرجها عن الإسلام والدين.
وأعظم من قام بسياسة الأمة سياسة شرعية هو الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه رضي الله عنهم ، وقال «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
ثم من بعدهم من ولاة المسلمين عملوا بالشرع فحكموه وتحاكموا إليه، وممن سار على هذا المنهج قادة المملكة من الملك عبدالعزيز ومن بعده إلى عهد الملك سلمان وولي عهده حفظهما الله، وفي النظام الأساسي للحكم المادة(55) يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقا لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية.
وأما القتال الذي جرى بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأول ذلك قتال المرتدين بقيادة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والثاني قتال الصحابة لفارس والروم لنشر دين الإسلام ..، والثالث قتال الخوارج الذي قام به علي رضي الله عنه والخوارج فرقة ضالة أمر الإسلام بقتالها «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» ، ولا يصح أن نسميهم ب(الإسلام السياسي) كما يسميهم من لا يعرف الاسم الشرعي لهم فهذا من الترويج لهم وتحسين عملهم، ،والرابع قتال الفتنة وهو ما جرى بين بعض الصحابة مما يجب الإمساك عنه وإحسان الظن بالطائفتين من المقتتلين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن رضي الله عنه «إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» فوقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم في عام الجماعة، وفي هذا الحديث شهد للطائفتين بالإسلام وأثنى على الصلح بينهما وعلى من يصلح بينهما.
فلا ينبغي القول (لو كانت السياسة من الدين لما اقتتل الصحابة) لأن مؤدى هذا اتهام الصحابة بالاقتتال طلبا للسياسة التي ليست من الدين وترك الدين أو بعضه .
وهذا طعن في الصحابة والعياذ بالله ، والواجب الإمساك عما شجر بينهم وكلهم مجتهدون فهم بين الأجر والأجرين، فنحبهم جميعا، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير.
إن بعض الناس أوقعهم الشيطان في الطعن في الصحابة رضي الله عنهم وعدم قبول النصوص الشرعية ثم اللجوء إلى تحريفها، أما الباطنية فيطالبون بإعادة قراءة النصوص أي تحريف معانيها ولهذا يحرفون معنى الصلاة إلى صلة أئمتهم والصوم كتم أسرارهم ويكذبون بالرسل وبالشرائع ، فإن كان كلامهم غير مقبول وهذا لا شك فيه فأيضا المطالبة بتحريف النصوص في السياسة الشرعية الإسلامية أو إنكارها غير مقبول أيضا.
فما تسلط هؤلاء الباطنية على المسلمين إلا بسبب فتح الباب لهم من المنحرفين الذي تجرؤوا على نصوص الشرع!
وأما الجماعات الإرهابية فقد تولى أهل العلم وأهل الأمر كف شرهم وكشف شبهاتهم فلا حاجة لتحريف نصوص الشرع بدعوى قطع دابرهم .